جمال حسن المندلاوي
قبل الخوض في تباين الدلائل التي توضح عراقية هذه اللفظة لا أصلها اللغوي، بل طريقة لفظ هذا الاسم فقط نود ان نظهر للقارئ الكريم بأن اول مصدر عراقي ذكر هذا الاسم، بحسب الدلائل المتوفرة، هو التاريخ الغياثي في حدود سنة805هـ / 1402م، لمؤلفه عبدالله بن فتح الله البغدادي، المتوفي سنة(891هـ / 1486م) أي قبل ستمئة سنة من الان.
حيث يذكر البغدادي، هذا الاصطلاح عند تعرض المنطقة لغزوات تيمورلنك،قاصداً بذلك شخص اسمه احشام ساكي فيلي!!
كما ان اتجاه الكثير من عرب العراق، وبخاصة العرب البغداديون منهم، الى احتساب كل كردي يقيم في وسط وجنوب العراق فيلياً، عند اختياره السكن في بغداد. ما يظهر ، ان لهذا الاسم، او اللقب جذر تأريخي، يوحي بتداول هذا الاصطلاح قبل عصرنا الحديث !
وفي هذا المعنى او قريباً منه، يقول مدير المكتبة الوطنية ببغداد سعد بشير اسكندر كواحد من ابناء هذه الشريحة:ـ والجدير بالملاحظة، ان كثيرين من كرد لور، من الذين هاجروا، او هجروا من مدنهم وقراهم في المناطق الواقعة اقصى جنوب كردستان العراق، واستقروا في بغداد قد اندمجوا بالكرد الفيلية، واصبحوا هم ايضاً يسمون فيلية.
كما يقول صباح دارا، الأمين العام لحزب بيمان/ العهد:ـ كلمة فيلي، لم تكن معروفة، في العراق خارج منطقة بغداد، أي ان الاحتمال الاقوى، هو كون ولادة هذه الكلمة في هذه المدينة.
خلا ذلك فالكاتب المصري القدير الدكتور احمد راسم النفيس، يذكر في مقالة نشرت له، في مجلة التجمع التابع للتجمع الفيلي الاسلامي ـ عدد واحد ايار عام 2009م، ما هو نصه :ـ الا ان هناك اتفاقاً، على اسم الاكراد الفيلية يطلق على الاكراد القاطنين في بغداد، ووسط العراق، وليس على نظرائهم في ايران.
ناهيك عما قاله الاستاذ محمد توفيق وردي، في الصفحة العاشرة من كتيبه (الاكراد الفيليون في التاريخ ) حين كتب:ـ الفيلي كلمة حديثة، لا تطلق على اخوتنا الاكراد في منطقة بشتكوه، وبيش كوه وطنهم الاصلي، بل هي اصطلاح عراقي صرف .
فضلاً عن أن تصريح المحامي عباس العزاوي، في مخطوطة له عن تاريخ الفيلية التي وضعها عام 1931م وهو:ـ ان الناس عندنا في العراق العربي، يسمون اللور الصغرى بـ (الجبل)، والقوم بـ (الفيلية) ولا ينطقون بلفظ (اللور الصغرى) المعروفة عند الفرس بـ لوري كرجك.
ما يعطي للاعتقاد القائل ان مبدأ ظهور هذه الكلمة كان بين اهالي بغداد من عرب العراق، والذين قد اقتبسوه اصلاً من اوائل الكرد الفيليين في غابر الازمان من الذين اختاروا الاقامة في بغداد قبل مئات السنين .
على أية حال، فأسم الفيلي بحسب الشروط، والمفاهيم التي مررنا عليها، والتي عرضناها في البداية، يعد في هذه الحالة لقباً عاماً شاملاً بينما لقب اللر، او اللور مجرد لقب خاص بالكرد من عشيرة لور تحديداً لا غير .
على عكس ما فهمه البعض، ممن كتب عن الكرد الفيليين دون ان يحتكوا بهم مباشرة، من كون اللور لقب رئيسي ولقب الفيلية لقب ثانوي، رغم ان ذلك من الاخطاء الشائعة ، وذلك ما دفع حقيقة محمد توفيق وردي الى القول:ـ ان الاسم العلمي، والتاريخي الذي اطلق على اخوتنا الكرد هو ( لر الصغرى)،و(اللر الكبرى). فليست هناك كلمة فيلي في ايران، بل لكل عشيرة اسمها، ورغم ان محمد توفيق وردي،يبالغ في الغاء تداول كلمة الفيلي في ايران من جهة، ويتوهم من كون اصطلاح الفيلي اصطلاح حديث، الا ان السبب في تصوراته تلك يرجع الى اختلاف مدلول كلمة الفيلي في العراق مقارنة مع مدلولها في ايران. لأنها في ايران، لا تعدو عن كونها مجرد لقب خاص، ومحدود بالوار منطقة بشتكو فقط. بينما في العراق هي لقب عام ( أي اصطلاح الفيلي) يشمل اللور ايضاً.
والسبب الذي جعل تفسير اصطلاح الفيلي مخالفاً في العراق عنه في ايران، ان كلمة فيل ـ بفتح الفاء، وتسكين الياء واللام في الكردية الفيلية ذاتها تعني : ( سهل، الارض المنبسطة).
وفي العربية تطلق لفظة فلاة في اللغة الفصحى،وفله ـ بفتح الفاء في اللهجة الدارجة او العامية لدى العراقيين على السهل للفظتين مترادفتين على المعنى. يقول عبد الجليل فيلي بهذا الخصوص ما هو نصه :ـ الاستاذ جرجيس فتح الله، ذكر لي بأن الكاتب و الناقد الساخر نوري ثابت كتب في جريدة (حبزبوز) الساخرة في حينه يقول :ـ ان الاصل في اطلاقها، الكرد الفلاوية، ثم صحفت الى فويلي، وان الكلمة في الاصل مأخوذة من كلمة فلات ـ فلوات العربية.
وهناك رأي اخر، له صداه البعيد في النفوس حقيقة وان كان دعاته قليلون جداً، بالقياس الى باقي الاراء الاكثر تداولاً والمتضاربة مع تصورات اصحاب هذا الرأي جملة وتفصيلاً. فأصحاب هذا الرأي يقولون، ان اسم الفيلي، قد جاء من الاثلي او الثيلي، وكلمتا الثيل والفيل بفتح الثاء وسكون ما بعد ذلك من حروف في كلمة ثيل وفتح الفاء وسكون باقي الحروف في كلمة فيل تعني السهل.
على العموم، فأن كلمة الثيل بفتح الثاء،وسكون الياء واللام او كلمة الثيل بتشديد الثاء، وتشديد الياء المنصوبة بالفتح، وسكون اللام يعني المرج الاخضر في العربية كناية عن السهل الاخضر المعشب. فكلمة فيل في الكردية الفيلية ذاتها كما بينا تعني سهل ايضاً!! ثم ان كثيراً من الناس بالنسبة الى العرب تلفظ الفاء ثاءاً في عدد كبير من الكلمات نحو:ـ فلوجة وثوم الواردة في القران.
واذا قيل لأصحاب هذا الرأي ، أي الذين يرجعون لقب الفيلي الى لفظ الاثلي، والثيلي، بمعنى السهلي، كما سبق، وهم نسبة من متعلمي ومثقفي الكرد الفيليين ، ان هذه التسمية شائعة بين كرد جبليين يحملون نفس هذا اللقب في ايران كذلك.
نرى اصحاب هذا الرأي، يجيبون بأنزعاج ظاهر:ـ ان اولئك الفيليون المقيمون في مناطق جبلية من ايران، انما هم في الاصل من كرد السهول في العراق! وقد اضطروا الى الرحيل عن مناطقهم الى تلك الاصقاع الجبلية من ايران، وهذا الرأي على ما عندنا عليه من مأخذ وملاحظات هو من جملة الاراء والاقوال التي تربط صلة هذا الاسم أي اصطلاح الفيلي بالفيول أي السهول جمع فيل بفتح الفاء لا فيل بسكون الفاء اسم الحيوان المقصود خطأ بهذا الاسم.
من ناحية أخرى، نرى وجود قسم اخر من الكرد الفيليين في مناطق جبلية، ومتفرقين في جهات مختلفة في جميع المحافظات من كردستان والشمال العراقي ما يبعد هذا المعنى أي معنى السهل وجمعها سهول وفيل جمعها فيول هذا اذا جاز ان نجمعها،كما نفعل مع الكلمات العربية على الرغم من ان الكلمة لا تربطها صلة باللغة العربية، بفتح الفاء ما يبعد معنى السهل والسهول كما قلنا عن حقيقة المعنى الاصلي، والدلالة الحقيقية لهذا الاصطلاح، ان انتشار الكرد الفيليين في وسط وجنوب العراق، بالتحديد الى الشرق من جهات نهر دجلة وهي مناطق سهلية ما كرس هذ المفهوم على مدى الايام اكثر فأكثر.
بينما ارتبطت هذه التسمية في ايران، بلقب ولاة امراء بشتكو فقط. وبشتكو بسكون جميع الحروف كانت ولاية تابعة لاقليم لورستان/ كردستان الجنوبية فتسمية فيلي عنت الوالي وهي بلفظها هذا تذكرنا باصطلاحي فرهي / فلهي في اللغة الفارسية القديمة بفتح الفاء في كلتا الكلمتين، وتسكين باقي الحروف بمعنى رئيس، زعيم،شيخ.
ان كلمة فيلي التي فسرناها بمعنى والي، يفسر بالتالي السر وراء اتخاذ امراء بشتكو،جميعهم تقريباً، مسمى الفيلي لقباً رسميا حيث ترادف احدهما أي كلمة الـ فيلي كلمة والي بلا فرق في المعنى بينهما على الاطلاق.
من باب اخر علينا الاعتراف ان المعنى الاخر الذي يرادف معنى والي،هو معنى البطل أي ان اصطلاح الفيلي ذا معنيين هما الوالي والبطل
هیچ نظری موجود نیست:
ارسال یک نظر